1 min lu
العدد الرابع

ليث المراد يصل، فتنتشي لذة القارئين والعارفين بحقوق الآخرين الذين يعيشون ويلات من التقصي وراء الحق الذي كثر من حوله الجور، والفساد الذي كأنما أصبح هو الأصل والمنشأ، ولا يقول بهذا إلا من تذمر وخاب ولم يرتق في الأسباب ليصل إلى عطف الله، وبأن هناك من كرسوا حياتهم للدفاع عن الحقوق، وفئة أخرى كل منهم خليفة الله في أرضه، وكثيرون ممن معنيون ببت يسمة أمل وزرع الحياة، ويكفي أن تستهدي المتقاضي لإجراء قضائي، أو تدله على موعد جلسته، فهذا دور من أحاطوا بالقانون، وتخيطوا بنصوصه ليكون هناك نسيج مثمر، في أفق جل التحديات التي تجابه القانون وأصحابه مهما كانت ولو كانت عبارة عن أزمات وكوارث لكنها مهما طالت عابرة سبيل، ولن يرضخ القانون في التصدي لها، لأن وراءها رجالات وكوكبة انغمست في ثنايا القانون فأحسنت تنفيذه وتطبيقه وتفعيله وتوطيد أسسه، وتلقينه وغرزه في النفوس، ولن تتراجع مجلة معالم قانونية مهما كانت الظروف التي قد تثنيها في إصدارها في وقتها إلا عزما وتشبثا وصبرا، لأن هناك رسالة في بداية الطريق لتحققها، تتشابك وتتقاطع مع كل الطموحات التي عليها أن تساهم فيها، فهلا للقانون أن يهل بنا صديقا، عاكفة على تقديم ما ينفع الناس. ابتدأ العدد الرابع بالاقتباس، ولسان الحال يردد ما ذكره مصطفى الزرقا في كتابه المدخل الفقهي العام: "نحن لا نأبى الاقتباس فالحكمة ضالة المؤمن"[1]، وهو اقتباس محمود مرغوب فيه للتعريف بفضائل فقهاء برعوا في مجال نحبه جميعا، وربما يبادلنا نفس الشعور من حيث لا ندري إنه القانون، وإذا علمنا أن معرفة الكتب نصف العلم ومعرفة الرجال يزيد في العلم، وقد ذكر الإمام الشاطبي: "إن العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب وصارت مفاتحه بأيدي الرجال"[2]، فإن مجلة معالم قانونية أبت إلا أن تفرد محورا خاصا معنونا بقبس من شخصيات قانونية بصمت مكانتها في علوم القانون، فكانت الشخصية التي وقع عليها الاختيار ترجع للدكتور أحمد فتحيبهنسي باعتباره موسوعة الفقه الجنائي الإسلامي، وأحد أعلام القانون الجنائي المقارن، ويكفي أنه كرس حياته، قاصدا وجه الله تعالى، ومنفعة العباد، لخوض غمار الفقه الإسلامي، والغوص في أعماق الشق الجنائي منه، لإعداد أرضية القانون الجنائي الإسلامي بقسميه النظري والعملي. بقلم الدكتور: البشير عدي، أستاذ الشريعة والقانون الجنائي، بكلية الحقوق جامعة ابن زهر المغرب. تم تلا هذا العدد بسلسلة ندوات وملتقيات، حيث نظمت مجلة معالم قانونية المغرب، ومختبر الفلسفة والقانون والمجتمع بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، المغرب، وكلية القانون والعلوم السياسية بديالى، العراق، وبشراكة مع اتحاد الجامعات الدولي باسطنبول، والاتحاد الأمريكي الدولي للتعليم، وكلية الحقوق بصفاقس، والمجموعة الأمريكية للاستشارات والمؤتمرات والتدريب الملتقى الدولي الافتراضي الأول الموسوم ب: "التكوين الأكاديمي والتبادل المعرفي" من 14 إلى 20 دجنبر 2020، وكان الافتتاح بمقالتين يعبران عن أزمتين الأولى معاشة منذ أن شهدت التشريعات العربية فرض الاستعمار والثانية تعايشت معها الأمة العربية ككل، ف:"أزمة الانتماء إلى عائلة قانونيّة في ظل الواقع الاجتماعي العربي" بقلم الدكتور: خليفة ابراهيم عودة، عميد كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالى، العراق، والدكتور: محمود عادل محمود أستاذ لنفس الكلية، برهنا على أن موقف التشريعات العربية طغى عليها بشكل كبير الطابع اللاتيني الَّتي هي في الأساس تقع ضمن العائلة الرومانية الجرمانية دون اللجوء إلى العائلة الأنجلوسكسونية، فما حقيقة الانتماء إلى العائلة القانونية اللاتينيّة الَّتي تعتبر – واقعياً – المرجع التاريخي لمعظم التشريعات العربية، وهل يتلاءم ذلك (الانتماء) مع الواقع العربي المعاصر؟ ولعل الحل الأمثل للإشكالية المطروحة حسب المقالة، هو الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، الَّتي حاشى أن يشوبها النقص، لأنها شريعة ربانية، وصالحة لكل زمان ومكان. والأزمة الثانية هي: "أزمة البحث الببليوغرافي للأطروحة زمن كورونا" بقلم الدكتور: خليل الفندري، عميد كلّيّة الحقوق بصفاقس، تونس، فمما لا شك فيه أن الأطروحة الجامعية تعتبر أهمّ المصنّفات العلميّة التي يمكن أن ينجزها الباحث، وتعد الانطلاقة الفعلية العلمية التي يبدأ بها المسار البحثي العلمي، الذي يحتاج فيه للاستعانة بالبحث الببليوغرافي باعتباره من أوكد العمليّات التي يقوم عليها، ولئن كان أساس جدوى الاطّلاعات الببليوغرافية في إطار أطروحة الدّكتوراه استمرارية البحث الببليوغرافي وتواتره وعدم انقطاعه، فإنّ الأزمة الوبائية كوفيد-19 تسببت في تعطيل البحث العلمي. ورغم كل التحديات التي تجابه الأطروحات فإن الاسترشاد بالآراء التي قال بها الدكتور: محمد محفوظ، أستاذ التعليم العالي في القانون الخاص وعلوم الإجرام  بـ"كلّيّة الحقوق بصفاقس" تونس، مفيد في هذا المضمار من خلال: "آراء في منهجيّة مقدّمات الأطروحات في القانون"، فأول ما يتصادف معه القارء أثناء قراءة عمل جامعي من حجم الدكتوراه هو ذلك الحيز الذي يقدّم للموضوع، نظرا لأهمية ما يتضمّنه العمل، والفكرة التي يعطيها عن داخله، وأكثر ما يتطلّب من الحنكة في جعل القارء يواصل قراءة ما ذكر، أو أن يكفّ عنها، ولتّقديم الموضوع لابد من التّوقّف عند الجمل الّتي يقع افتتاح الموضوع بها وبيان مضمون ما يقع التّقديم له، وكذا التّقديم لدراسة الموضوع الذي يقتضي عرض العناصر الّتي يقع اعتمادها في طرقه غاية في إيصال القارئ إلى ما يمكن الاصطلاح عليه بعقدة الموضوع أو البحث. والمقالة الرابعة أتت لتحدثنا عن: "التنفيذ الجزئي للحكم الأجنبي في القانون الدولي الخاص" للدكتور: عدنان يونس مخيبر أستاذ بكلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالى، العراق، باعتبار أهمية التنفيذ الجزئي للحكم الأجنبي في حالة مساس ذلك الحكم بالنظام العام للدولة، متطرقا للتأصيل القانوني للتنفيذ الجزئي للحكم الأجنبي والاتجاهات الحديثة في تنفيذ الأحكام الأجنبية. معتمدا على المقارنة بين النصوص القانونية المقارنة وقانون تنفيذ الأحكام الأجنبية العراقي  رقم 30 لسنة 1928. أما خامس المقالات فقد أماط اللثام عن: "آثار الكورونا على إجراءات التقاضي" للدكتور: سيد أحمد محمود أستاذ قانون الإجراءات المدنية والتجارية والتحكيم بكلية القانون جامعة الشارقة. الامارات العربية المتحدة. إذ أن تعطيل مرفق القضاء من سابع المستحيلات الذي عليه أن يواكب ديمومة تقديم الخدمة القضائية مهما كانت الأزمات والكوارث، لذا كان من الطبيعي جدا إحلال التقاضي عن بعد بديلاً لإجراءات التقاضي التقليدية طالما كانت النصوص التشريعية -أثناء أزمة كورونا- تنص على ذلك أو تسمح بذلك من خلال إدخال التعديلات التشريعية الفورية لمواجهة أثر الكورونا. وأخيرا وليس آخرا أتممت هذه السلسلة ب: "المنهج العلمي وأساليب كتابة البحوث والرسائل العلمية"، بقلم الدكتورة: إشراق الإدريسي، أستاذة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجديدة، المغرب. فالبحث الأكاديمي يعتمد على مناهج البحث العلمي التي تتميز بالدقة والعقلانية والتنظيم المنطقي، الذي يقوم على الاستخدام الممنهج لأساليب وإجراءات محددة للحصول على معلومات أو لكشف علاقات بين متغيرات في المجتمع وتتجلى أهمية منهجية البحث في كتابة بحث علمي على نحو كامل وشامل خاصة في الميدان القانوني شأنه في ذلك شأن العلوم النظرية والتطبيقية جميعا.



[1]  مصطفى أحمد الزرقا، المدخل الفقهي العام، ج الأول، دار القلم، دمشق، سوريا، ط الثانية، س 1425ه‍، 2004م، ص 23.   [2]  الشاطبي، الموافقات، ج الأول، تحقيق أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، ط الأولى، س 1417ه‍، 1997م، ص 148.   

Commentaires
* L'e-mail ne sera pas publié sur le site web.
CE SITE A ÉTÉ CONSTRUIT EN UTILISANT